كتبت: آيات مصطفى
١٢ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ
في هذا اليوم المبارك، يشرق على القلوب ضياء لا ينطفئ، وتُفتح أبواب السماء برحمة تغمر الأرض، ففي مثل هذا اليوم وُلد خير البرية، محمد بن عبد الله ﷺ، الذي أرسله الله هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، رحمةً للعالمين، ونورًا يمحو ظلمات الجهل والكفر والضلال.
قال تعالى:
﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾
[الأنبياء: 107].
آية تختصر سرّ الرسالة وجوهر الميلاد، فهو ﷺ رحمة مهداة، وهداية مُصطفاة، جاء ليزرع في القلوب الأمل، وفي العقول الحكمة، وفي الأرواح السلام.
مولده لم يكن مجرد حدث تاريخي، بل كان بداية عهد جديد؛ عهد يرتوي من معين الوحي، ويرسم للإنسانية طريق النور.
كان الفجر المشرق بعد ليلٍ طويل، والبشارة الكبرى التي غيرت مسار البشرية.
قال الله تعالى:
﴿قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ﴾
[المائدة: 15].
ذلك النور هو النبي ﷺ، الذي أضاء بالوحي دروب الضالين، وأنار للعالم معاني العدل، والإحسان، والرحمة.
إن ذكرى مولده ليست طقسًا عابرًا، وإنما هي لحظة وقوف مع النفس، لنستحضر رسالته، ونجدّد العهد باتباعه.
كيف لا وهو الذي وصفه ربه قائلاً:
﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4].
فالأخلاق التي جسدها كانت ولا تزال مدرسة مفتوحة للأمم، منبرًا يتعلم منه كل باحث عن الصدق، وكل متعطش للعدل، وكل مشتاق إلى الطمأنينة.
وفي هذا اليوم من كل عام ، تمتلئ القلوب بالسكينة، وتتهامس الأرواح بالصلاة والسلام عليه، فهو الشفيع، وهو القدوة، وهو الحبيب الذي علّمنا كيف نحب الله ونحب الناس.
فلتكن هذه الذكرى فرصة لنهتدي بهديه، ونغرس في حياتنا بذور الرحمة التي دعا إليها، ونرفع لواء القيم التي عاش من أجلها.
فإن إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف ليس بالاحتفال الظاهر فقط، بل بالاقتداء الصادق في القول والعمل، وبالوفاء لرسالته التي ستظل منارة أبدية للبشرية جمعاء.
كل عام وأنتم على نور الحبيب ﷺ سائرون، وعلى هديه مقتدون، وفي ذكره متأملون.
